خواطر
لمساعدتك على التميز
نشر بتاريخ 24/02/2020
التحكم بالذات مفتاح النجاح والسعادة
أهمية التحكم بالذات:
نعاني الكثير من المشكلات في حياتنا وغالباً ما يكون سببها الرئيسي فقدان القدرة على التحكم في أنفسنا، وفي عواطفنا انفعالاتنا أو حتى سلوكنا، فالشخص الذي يقدر على التحكم في ذاته هو شخص متماسك واثق من نفسه، ومن أفكاره، وقادر على امتصاص غضب الآخرين، وضبط نفسه، وبالطبع هذا يمنعه من التسرّع والاندفاع الذي يعرضه للفشل والخسارة، ولذلك يجب أن يتخذ الإنسان قراراً بتغيير ذاته وبالتالي سينعكس ذلك على حياته بشكل إيجابي.
وقد يكون بناء ضبط النفس أمراً صعباً، ولكن من الممكن إحداث تغيير في حياتك وإدارة اندفاعاتك وانفعالاتك. إن الشعور بتحكم أكثر في نفسك يمكن أن يؤدي إلى الشعور بتحكم أكبر في الحياة، والشعور بمزيد من القوة حول من أنت، ويساعدك في تعزيز مشاعرك بتقدير نفسك أكثر.
مراحل التحكم في الذات:
تحدث الدكتور إبراهيم الفقي خبير التنمية البشرية في كتابه "قوة التحكم في الذات" أنّ رحلة التحكم في الذات تبدأ من:
أولاً: الحديث مع ذاتك (القاتل الصامت)
يقول إننا بطبيعتنا كبشر نتحدث كثيرا مع أنفسنا، ونتوقع السلبيات غالباً، مشيراً إلى أن إحدى الجامعات في كاليفورنيا أجرت دراسة على التحدث مع الذات وتوصلت إلى أنّ أكثر من 80% من الذي نقوله لأنفسنا يكون سلبياً، ويعمل ضد مصلحتنا، ولك أن تتخيل مدى تأثير هذا الكم الهائل من السلبيات، وليس هذا فحسب فقد توصّل البحث أن القلق يتسبب في أكثر من 75% من الأمراض بما في ذلك ضغط الدم والقرحة والنوبات القلبية.
أي أنك بكامل إرادتك تتحدث إلى نفسك وتفكر بطريقة سلبية وأيضاً تصاب بالأمراض وكل ذلك من إنجازك وحدك دون أيّ مساعدة. ثمّ وضّح أن البرمجة الذاتية والتحدث مع النفس ممكن أن تجعل منك إنساناً سعيداً ناجحاً يحقق أحلامه، أو تعيساً وحيداً يائساً من الحياة وأضاف في ذلك يقول د. هلمستتر:" إنّ ما تضعه في ذهنك سواءً كان سلبياً أو إيجابياً ستجنيه في النهاية".
ويضيف يوجد في علم البرمجة اللغوية العصبية مبدأ يقول:" أنا مسؤول عن عقلي إذاً أنا مسؤول عن نتائج أفعالي"، إنّهُ من حقّك كما أنّه باستطاعتك أن تفكر بالطريقة التي تريدها أنت وأيضاً أن تفكر بالشيء الذي ترغب به، لا يوجد هناك من يستطيع أن يُوَجّه أفكارك. أفكارك تحت سيطرتك أنت وحدك، ومن الممكن ببساطة توجيه التحدث مع الذات إلى الاتجاه السليم مما يحول حياتك إلى تجارب مليئة بالنجاح والسعادة.
ثانياً: مرحلة الاعتقاد (مولد التحكم بالذات)
حيث أشار إلى ما قاله وليام جيمس "هذه آخر كلماتي لك: لا تخف من الحياة، آمن بأنّ الحياة تستحق أن تعيشها، وسوف يساعدك إيمانك على تحقيق الواقع". موضّحاً أنّ الاعتقاد هو الأساس الذي نبني عليه كل أفعالنا، وأهم خطوة على طريق النجاح، وقد قال الكاتب الأمريكي نابليون هيل: "ما يدركه ويؤمن به عقل الإنسان يمكنه أن يحققه".
وكما أن الاعتقاد ممكن أن يكون سبباً في الفشل والحد من تصرفاتا في الحياة، يمكنه أيضاً أن يكون سبباً رئيسياً للنجاح وتحقيق أهدافنا في الحياة. بمعنى أخر يمكنك أن تعمل فقط ما تعتقد أنك تستطيع عمله، وأن تكون فقط ما تعتقد أنه يمكنك أن تكونه، وهذا كله يتوقف على ما تعتقد.
ثالثاً: طريقة النظر للأحداث (أساس الامتياز)
واستهل بقول نورمان فينسن بيل: "أي حقيقة يمكن أن تواجهنا ليس لها نفس الأهمية كأهمية تصرفنا اتجاهها، لأن هذه الأخيرة هي التي تحدد نجاحنا أو فشلنا".
إن نظرتنا تجاه الأشياء تختلف من شخص لأخر، وهي وجهة النظر التي من خلالها نرى الأشياء. وأضاف إلى ذلك أن نظرتنا للأشياء مهمّة للغاية، وأن اختلاف هذه النظرة بين سلبية وإيجابية هو الذي يمنحنا مفتاح السعادة، والوصفة السرية وراء نجاح القادة والعظماء.
يمكنك أن تقرر أن تبتسم، ويمكنك أن تقرّر أن تشكر الناس، كما يمكنك أن تقرّر أن تقوم بالعطاء ومساعدة الآخرين. نحن جميعاً لدينا القدرة على التغيير ولكن فقط عندما نقرّر أن نحرّر أنفسنا من سيطرة ذواتنا.
وأشار إلى خمس سلبيات يجب أن نتفادها لتكون لدينا نظرة سليمة اتجاه الأشياء وهي:
- اللوم: سواء بلوم نفسك أو لوم الأخرين أو لوم المواقف، توقف عن لوم الأخرين وتحمل مسؤولية حياتك.
- المقارنة: بدلاً من مقارنة نفسك مع الأخرين ابدأ بتحسين حياتك، وركّز على قدراتك الشخصية ثم طورها.
- العيش مع الماضي: العيش مع الماضي سبب أساسي للفشل، ويمكنك فقط أن تتعلّم منه فقط الدروس التي مررت بها، لذلك أطلق سراح الماضي وعش حاضرك بكل ما فيه.
- النقد: قبل أن توجه النقد لأي شخص فكر جيداً ثم توقف لحظة وتذكر أن نقدك له يمكن أن يولد أحاسيس سلبيّة بينكما، وفكّر بميزاته الإيجابية بدلاً من السلبيات، وكن لطيفاً بتعاملك معه.
- ظاهرة الأنا: يجب عليك أن تقلل من استعمال كلمة أنا وأن تكون كريماً في استخدام كلمة أنت. هناك مثل قديم يقول: "حدّث الناس عن نفسك سيستمعون لك، حدّثهم عن أنفسهم سيحبونك".
ثم وضع ستة مبادئ تساعدك على تغيير نظرتك للأشياء وهي:
- الابتسام
- مخاطبة الناس بأسمائهم.
- الإنصات وإعطاء الفرصة للأخرين بالتكلم.
- تحمل المسؤولية الكاملة لأخطائك.
- مجاملة الناس وتقديرهم.
- مسامحة الآخرين وإطلاق سراح الماضي.
رابعاً: مرحلة العواطف (ألوان قوس قزح)
يشير الدكتور الفقي إلى أنّ الأحاسيس أو العواطف تختلف كألوان قوس قزح، وإذا أردت أن تكون سعيداً، فعليك أن تتعلم كيف تتحكم في شعورك وتقديراتك. يقول: "كلّ منّا كان ضحيةً للشعور بالضيق في وقت ما في حياتنا، وكنّا أيضاً سجناء العواطف السلبية التي قد تكون في صورة خوف أو حزن أو ألم، أو عادات سلبية والتي تتسبب في أضرار كثيرة على المدى الطويل".
ولفت إلى أنّ: "الطريقة التي ترى بها نفسك أي الصورة التي في ذهنك عن نفسك لها أكبر أثر على سلوكك".
فإذا ربطت ذهنك بأفكار سعيدة ستحصل على إحساسات سعيدة والعكس بالعكس حيث أنّ ذلك يرجع لك أنت، لأنه لا يمكن لأي إنسان ولا لأيّ ظرف أن يجبرك على الإحساس بشيء ما بدون موافقتك أنت.
لذلك تحكّم بعواطفك، وبطريقة نظرك لأي موقف لأن على أساسها ستترتب مشاعرك سلباً أو إيجاباً. فإذا انتابتك مشاعر سلبية معينة عليك أن تسأل نفسك هل هذه العاطفة مفيدة أم ضارة؟ هل ستساعدني على الوصول لهدفي؟
فإذا كانت اجابتك بالنفي فعليك استعمال ما أطلق عليه (قانون الثلاثة) وهو:
- قم بملاحظتها.
- قم بإلغائها.
- قم باستبدالها، بأن تتصرف فيها فوراً.
ثم وضع الدكتور الفقي أربعة مبادئ للسعادة وهي:
- الهدوء النفسي الداخلي: بأن تسمح لقوة الحب أن تملأ قلبك وكيانك. بذلك تجعل مقاومتك شديدة ضد أي تأثير من تأثيرات العالم الخارجي.
- الصحة السليمة والطاقة: ضع صحتك بقائمة اهتماماتك ومارس الرياضة. فإذا كنت على مستوى ممتاز من الصحة ستشعر بطاقة عالية وستكون أكثر حماساً، وتكون سعادتك بأعلى درجاتها.
- الحب والعلاقات: علاقاتك مع الآخرين التي تسودها المحبة والطيبة والاهتمام المتبادل ستجعلك أكثر سعادة.
- تحقيق الذات: بأن يكون لديك أهداف ذات قيمة وتشعر بالحماس لتحقيقها وستكون بالتالي أكثر سعادة وثقة بنفسك.
والأن ألم يحن الوقت لنحرر أنفسنا من العواطف السلبية والعادات السلبية؟؟
خامساً: السلوك (الطريق الفعال)
يقول الدكتور الفقي أننا من بداية وجودنا في الحياة نتعلم قواعد الحياة وطرق السلوك من نماذج الكبار المحيطين بنا، ويظل سلوكنا وتصرفاتنا وطريقة كلامنا مثلهم، وذلك دون أن نسأل ما إذا كان ذلك مفيد لنا أو يساعدنا على النمو والتقدم في الحياة. فالسلوك هو العامل المباشر المتحكم في نجاحنا أو فشلنا، بمعنى أنك إذا كنت تحب عملك فسيكون أداءك ممتاز، وإذا لم تكن تحبه فسيكون أداءك ضعيف. قس عليه كل ماتفعله أو تتصرّفه.
ثم تكلم عن مصادر السلوك وهي:
- المؤثرات الخارجية: البرمجة عن طريق الوالدين، البرمجة عن طريق المدرسة، البرمجة عن طريق الأصدقاء، البرمجة عن طريق وسائل الاعلام وهي كلها مؤثرات رئيسية على سلوكنا.
- التجارب والخبرات: فتجاربنا الشخصية والخبرات التي نكتسبها في الحياة لها أثر كبير على سلوكنا.
- عزة النفس: فالشخص الذي يشعر بعزة نفس كبيرة ودرجة تقدير كبير تجاه نفسه ويحترم نفسه، يتصرف بثقة وجرأة ويحقق دائماً نتائج أفضل ويعيش حياة أفضل، والعكس صحيح.
- النظرة الذاتية: الصورة التي ترى بها نفسك لها الأثر الأكبر على سلوكك، وفي ذلك قال د. ماكسويل مولتز "إنّ النظرة الذاتية هي المفتاح لشخصية الإنسان وسلوكه، فإذا قمت بتغيير النظرة الذاتية فإنك ستغير الشخصية والسلوك".
- النتائج: اعتقادك عن نفسك يؤثر على نتائجك كما أنّ النتائج تضيف أيضاً إلى اعتقاداتك وتؤثر فيك، فالمصدران يؤثران على سلوكك في المستقبل.
- التفسير الشخصي للمواقف: إن الطريقة التي تدرك بها المواقف وتفسرها تؤثر على حكمك عليها وبالتالي تؤثر على سلوكك، حيث أننا عندما ندرك أي موقف ونحكم عليه بالسلبية أو الإيجابية فإننا نميل إلى أن يكون سلوكنا طبقاً لحكمنا.
ثم يضيف الدكتور أننا جميعاً من الممكن أن نقوم بإحداث تغييرات كبيرة في حياتنا وحياة الأخرين عندما نقرر أن نغير سلوكنا السلبي الذي يحد من تصرفاتنا ونحوله لسلوك إيجابي، وذلك عن طريق تخطي الحدود التي نشعر بالراحة داخلها ونقوم بتوسيع مداركنا.
ألم يحن الوقت حتى نبطل السلوك السلبي ونستبدله بسلوك إيجابي جديد مليء بالحب لأنفسنا وللأخرين؟
إنّ الحياة ليست سهلة لأيّ منّا لذلك يجب أن نكون مثابرين، صابرين، أقوياء، وأن نؤمن بقدرتنا على التحرر من كل ما يتحكم فينا، وبذلك سنثق بأنفسنا ونحقق ما ثابرنا لأجله، والأهم من هذا كله سنشعر بالرضى والسعادة. "إرادتي.. ستشكل حياتي، سواء فشلت أو نجحت.. فنجاحي أو فشلي من صنعي أنا.. وليس من صنع أي شخص آخر. أنا القوة.. أنا من يستطيع إزالة كل العقبات من أمامي.. أنا وحدي مالك قدري.. فزت أم خسرت.. فالاختيار هو اختياري.. والمسئولية هي مسئوليتي" (إيلين ماكسويل).